الثلاثاء، 14 يونيو 2011

نفسى اشوفها يا : علي



كنت واقف فى الشرفة ونسيم الصباح قد بدا يتسلل اللى مراقبا أمى فى الداخل وهى ترتق لي جلباب ارتديه حتى يزول ما تبقى على جسدى من شقاء السفر ، سمعت صوته " الصاخب دوما " قادم من بعيد " يتشاكس مع المارة كعادته "  هرولت مسرعا الى الخارج بينما القت لى أمى الجلباب من النافذه وهى تصيح بى مستنكرا ( مصطبحناش لسة ع الشيخ محجوب ياعلى )
كان قد اقترب من  المرور امام منزلى وهو يستند الى طفلته الصغيره " نوارة "   
زات السبعة اعوام ، احد الاقرباء يلقى عليه تحية الصباح
يضغط محجوب على كتف الطفلة وهو يسألها مستفسرا
زفت مين ده اللى بيصبح علينا يا نوارة 
نوارة : ده عبد اى يا ابوى ... عبد اى
محجوب بصوت واثق
الله لا صبحك ياخوى
عبد الله : ليه بس كدا يا خالى .. اصطبح وقول يا صبح !
محجوب وفى تجاهل : " مرديتك " امك قصدى " مرديك " ابوك فى البيت يازفت ياعبد الله ؟
عبد الله : فى البيت ياخالى ـ يعنى هيروح فين
محجوب : خلاص ابجى افوت عليه فى وقت يكون برا البيت (يقهقه المارة  ) يمضى عبدالله فى طريقه وهو يلوح و يُشيح بيديه غير مكترث ، جالس انا على عتبة الدار فى صمت مراقبا محجوب وقد تعدانى بخطوات قليلة والطفلة المبتسمة قد اشأرت اللى باصبعها المدببة الصغير وهى تقول : عم حسن كاعد هه يا ابوى ع العتبة
ملحوظة : حسن هو اخى التوائم
ينتبه محجوب للطفلة مُندهش ثم يستدير الى الخلف وهو ينظر الى جهة اخرى بينما تحاول الطفلة ان ترشدهُ الى جهتى 
يرفع محجوب وجهه الى السماء وهوا يحاول ان يصتنع الانفعال ويقول : اياك فاكر ان انا اعمى بجد ولا يمكن قالولك على اعمى بجد " موجه كلامه اللى " ثم يحمل الطفلة على كتفه وهو يحاول ان يتحسس بعصاه طريقه اللى ويقول : طب صبح حتى يا ابو الست ـ ما تخافوش مش هنقولكم فطرونا ولاحاجة ـ دى حتى امكم ولية طيبة وكريمة ، جلس الى جوارى وهو يتحسس جيبى ويقول : وحشتنى سجايرك الحلوة يا ابو الحج
ـ ولع ياخالى ـ ثم قال متهكما بعدما كانت علبة سجائرى قد استقرت فى يده ـ يقطعك يا معفن نضفت وبجيت تشرب علبة بجرار ـ كان قد اخذ نفس عميق من سجارته   لينفسه فى الهواء وكأنه يحاول اظهار تلذذه بطعم التبغ ، حينها كانت يداه قد استقرت فوق وجهى تتحسس ملامحه :) لننفجربعدها  انا وهوا والطفلة ضاحكين
اختلطت نبراته بالفرحة والدهشة معا وهو يقول : يا ولاد الكلب وسيبينى على عماى من الصبح ـ وعرفتك يا اخوى البنت  وماجالتش . 
انا مداعبا : ويعنى انتا يا محجوب لازم تحسس على وش صاحبك علشان تعرفه
محجوب : العتب ع النظر ياصاحبى  ـ  جيت ميتى امال
وما قلتش يعنى انك جاى !
انا : والطفلة فى حضنى ـ جيت الفجر ـ بس عفريتة نوارة زيك يا محجوب  ، ينظر اللى مستنكرا وهو يجزب الطفلة من حضنى الى حضنه ويقول فى فخر : بس  ـ قاعود ـ زى امها صح ؟
ثم ياخذ من سجارته نفس عميق وهو يتحسس وجهها الصغير ويقول : بصوت مبحوح ـ سبع سنين البنت يا على ـ سبع سنين ـ وما شفتهاش  لحد دلوجت يتحشرج صوته وهو يقول : نفسى ارجع اشوف تانى يا اخى ـ نفسى اعرف شكلها يا صاحبى !
ثم ساد بيننا صمت طويل بينما كانت قد تسللت من بيننا الطفلة الى داخل المنزل وانا اراقبها بنظراتى وهى تستقر فى حضن امى التى كانت تراقبنا من الداخل وهى تحاول ان تخفى دمعة قد ظهرت على وجهها لتو  . 


.....
القاعود : هو اسم جمل صغير السن وهى كلمة تستخدم للتعبير عن شدة الجمال

هناك 14 تعليقًا:

كريمة سندي يقول...

قصة مؤلمة وجميلة تحياتي

reemaas يقول...

لذيذة القصى جدا يا عبس طريقتك للسرد جميله وماعرفش ليه فكرتنى بالابنودى

دعاء العطار يقول...

أعظم نعمه من ربنا علينا " نعمة البصر "

بس فيه ناس كتيره بتبقى شايفه وعميه فى نفس الوقت

لأن قلبها أعمى ... ولأن عينيها مش بتشوف غير الحاجات الوحشه بس

وفيه ناس مش بتشوف ... لكن قادره تحس بغيرها وتحس بجمال الدنيا

ربنا لما بياخد حاجه بيعوضها فى حاجه تانيه

جميله القصه (:

دمت بكل خير (: (:

هبة فاروق يقول...

عايزين من القصص دى كثير يا عبس
بستمتع جدا بيها فيها روح واصالة اهل الصعيد
تحياتى

سواح في ملك اللــــــــــــــــــه- يقول...

مسحة حزينة ياعبس

تحيتي

Carmen يقول...

جمييييلة جدا تسلم ايدك

Emtiaz Zourob يقول...

سبع سنين البنت يا على ـ سبع سنين ـ وما شفتهاش لحد دلوجت

ياه احساس فظيع بصراحة ..الحمدلله على نعمة البصر ..

استمتعت بالقراءة ..

دمت بخير.

عباس ابن فرناس يقول...

كريمة السندى

ربما الشعور باذنب تجاه معناة صديقى اجبرنى على التاكيد على الشعور بالالم

تحياتى المستعطرة

عباس ابن فرناس يقول...

رامياس

ربما ذكرتك بالابنودى بحكم اللهجة
ويجوز اننى تاثرت به

ولكنى اتمنى ان تكون صدفة

تحياتى المستعطرة

عباس ابن فرناس يقول...

دعاء العطار

بتاكيد البصر هو اعظم نعمة

وربما اعظم منها البصيرة

تحياتى المستعطرة

عباس ابن فرناس يقول...

هبة فاروق

غالى والطلب رخيص يا استاذة

عباس ابن فرناس يقول...

سواح

قليل من الحزن ينقذ المشاعر هههه

تحياتى المستعطرة

عباس ابن فرناس يقول...

كارمن

الله يسلمك

متشكر

عباس ابن فرناس يقول...

وجع البنفسج

غاية الالم ان نشعر بالعجز
وواقصى ما نستطيع فعله هو محاولة اقتسام ذلك الالم

تحياتى المستعطرة